خطبة الجمعة : قراءة جديدة في دروس تحويل القِبْلَة ، د/ أحمد علي سليمان
خطبة الجمعة بعنوان: قراءة جديدة في دروس تحويل القِبْلَة وكيف نوظف عطاءات الله فيها لمواجهة التحديات المعاصرة؟ ، بقلم المفكر الإسلامي الدكتور/ أحمد علي سليمان ، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية
![خطبة الجمعة بعنوان: قراءة جديدة في دروس تحويل القِبْلَة وكيف نوظف عطاءات الله فيها لمواجهة التحديات المعاصرة؟ ، بقلم المفكر الإسلامي الدكتور/ أحمد علي سليمان ، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية : 15 شعبان 1446هـ / 14 فبراير 2025م](https://www.doaah.com/wp-content/uploads/2025/02/بوستر-خطبة-تحويل-القبلة-copy-1-1-780x470.jpg)
خطبة الجمعة بعنوان: قراءة جديدة في دروس تحويل القِبْلَة وكيف نوظف عطاءات الله فيها لمواجهة التحديات المعاصرة؟ ، بقلم المفكر الإسلامي الدكتور/ أحمد علي سليمان ، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية : 15 شعبان 1446هـ / 14 فبراير 2025م
لتحميل خطبة الجمعة القادمة بتاريخ 14 فبراير 2025م ، للدكتور أحمد علي سليمان بعنوان : قراءة جديدة في دروس تحويل القِبْلَة وكيف نوظف عطاءات الله فيها لمواجهة التحديات المعاصرة؟:
لتحميل خطبة الجمعة القادمة بتاريخ 14 فبراير 2025م ، للدكتور أحمد علي سليمان بعنوان: قراءة جديدة في دروس تحويل القِبْلَة وكيف نوظف عطاءات الله فيها لمواجهة التحديات المعاصرة؟ ، بصيغة pdf أضغط هنا.
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 14 فبراير 2025م ، للدكتور أحمد علي سليمان ، بعنوان : قراءة جديدة في دروس تحويل القِبْلَة وكيف نوظف عطاءات الله فيها لمواجهة التحديات المعاصرة؟ : كما يلي:
خطبة الجمعة بعنوان
قراءة جديدة في دروس تحويل القِبْلَة( )
وكيف نوظف عطاءات الله فيها لمواجهة التحديات المعاصرة؟
بقلم المفكر الإسلامي
الدكتور/ أحمد علي سليمان
عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية
الجمعة: 15 شعبان 1446هـ / 14 فبراير 2025م¬¬¬¬
الحمد لله الذي جعل لنا الإسلامَ نورًا وهدًى، وأكرمنا بشريعة سمحة مستمدة من وحي الله (عز وجل)، نحمده سبحانه ونشكره، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، جعل الكعبة البيت الحرام قيامًا للناس ومهوى لأفئدة المؤمنين
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، جلَّ عن الشبيه والمثيل والند والكفء والنظير.
وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله، وصفيه وخليله، وخيرته من خلقه، وأمينه على وحيه، أرسله ربه رحمة للعالمين، وحجة على العباد أجمعين.
بلّغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وكشف الله تعالى به الغمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين.فهدى الله تعالى به من الضلالة، وبصَّر به من الجهالة، وكثَّر به بعد القلة.
فصلوات ربي وسلامه عليه، وعلى آله الطيبين وأصحابه الغر الميامين، ما ذكره الذاكرون الأبرار، وما تعاقب الليل والنهار.
عباد الله: أوصيكم ونفسي المقصّرة بتقوى الله.. يقول الحق (تبارك وتَعَالَى): (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) (آل عمران: 102) ..
أما بعد..
التوبة والدعاء والتعلق بحبال الله والأخذ بالأسباب.. طريقنا لمواجهة التحديات
أيها المسلمون في كل مكان: نعيش اليوم في ظروف عالمية غامضة، نواجه تحديات عظيمة، تريد أن تعصف بالمنطقة، وليس لنا ملجأ إلا الله… فعليه وحده الاتكال، وإليه وحده المفر.
وفي هذه الظروف علينا أن نلجأ إلى الله (جل وعلا) لجوءا صادقا
أن نعود إليه عودا صادقا
أن نتوب إليه توبة صادقة
أن ندعوه ونرجوه دعاء صادقا
فلا مفر إلا إليه
ولا سند إلا منه
ولا عون ولا مدد ولا قوة إلى منه
فلنلجأ إليه جميعا بقلوب صادقة، ولنَعُد إليه عودةً نصوحًا، ولنتب إليه توبةً خالصة، ولنرفع أكف الضراعة إليه بصدق وإخلاص، فإنه “لا ملجأ ولا منجى منه إلا إليه”.
اللهم قونا بك، وثبتنا على طاعتك، وردنا إليك ردًا جميلًا ظاهرًا وباطنًا يا رب العالمين.
اللهم من أراد بمصرنا أو بلادنا شرًّا، فاشغله بنفسه، وأشغله بأهله وبلده، وأدر دائرة السوء عليه، يا قوي يا متين. اللهم اجمع شمل الأمة، وأعنّا على مواجهة الفتن، ومكائد الأعداء، واجعلنا من عبادك الصادقين، يا جبار السماوات والأرض.
أيها الموحدون:
رددوا معي بخشوع وخضوع وذلة وانكسار لله رب العالمين…تُبنا إلى الله، ورجعنا إلى الله، وندمنا على ما فعلنا، وعزمنا عزمًا أكيدًا صادقًا على ألا نعود إلى المعاصي أبدًا، وبرئنا من كل دين يخالف دين الإسلام، طرقنا بابك يا الله وقد علمنا أنك لا ترد مَن جاءك، ولا تخيب من رفع يديه إليك، فاجبر كسرنا، واحفظ جيشنا وأمننا وشعبنا، ووقف قادتنا لكل خير، واربط على قلوبهم يا رب العالمين… اللهم ادحر من أراد بنا شرًّا، اللهم اجعل كيدهم في نحروهم، واجعل تدبيرهم في تدميرهم… يا قادر يا قادر يا قادر… اللهم اجمع شمل الأمة على طاعتك والقرب منك ومرضاتك يا رب العالمين. اللهم ادفع عنا كيد الكائدين، ورد عنا شر الحاقدين، ولا تجعل لهم علينا سبيلًا، يا من لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.
تحويل القِبْلَة
تابع / خطبة الجمعة : قراءة جديدة في دروس تحويل القِبْلَة ، د/ أحمد سليمان
عباد الله:
حديثنا اليوم عن ذكرى عظيمة، اختبر الله (سبحانه وتعالى) بها إيمان عباده، وامتحن بها صدق قلوبهم، إنها حادثة تحويل القِبْلَة، ذلكم التحول العظيم الذي نقل قبلة المسلمين من بيت المقدس إلى البيت الحرام، تنفيذًا لأمر الله، وإعلاءً لشأن هذه الأمة التي اصطفاها الله لتكون خير الأمم وشاهدة على الآخر.
• إن تحويل القِبْلَة لم يكن مجرد تغييرٍ في الاتجاه.
• بل كان درسًا بليغا في الطاعة والامتثال.
• وابتلاءً أظهر المؤمن الصادق من المنافق الكاذب.
قال تعالى: (سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا ۚ قُل لِّلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ۚ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ . وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ۗ وَمَا جَعَلْنَا القِبْلَة الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ ۚ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۗ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ . قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ ۖ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا ۚ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ۗ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ) (البقرة: 142-144) .
مكانة القِبْلَة في الإسلام:
القِبْلَة في الإسلام لها مكانة سامية وسامقة ورفيعة، فهي ليست اتجاها جغرافيا نتجه إليه، بل لها رمزية كبيرة جدا، تتضح فيما يلي:
1. أهمية القِبْلَة في تنظيم العبادة
فالقِبْلَةُ توحد اتجاه المسلمين في الصلاة، وتجنب الفوضى والاختلاف في تحديد الجهات، وتحافظ على وحدة المسلمين وشعائرهم.
2. وجوب استقبالها في الصلاة
جعلها الشرع الشريف شرطًا لصحة الصلاة، فلا تصح الصلاة بدون التوجه إليها.
3. استحباب استقبالها في الدعاء
من آداب الدعاء التوجه نحو القِبْلَة.
4. تحريم استقبالها أو استدبارها عند قضاء الحاجة، والنهي عن البصاق في اتجاهها
وذلك تعظيمًا لقدسيتها ومكانتها، فعن أبي أيوب الأنصاري (رضي الله عنه) أنَّ النبيَّ (ﷺ) قالَ: (إذَا أتَيْتُمُ الغَائِطَ فلا تَسْتَقْبِلُوا القِبْلَة، ولَا تَسْتَدْبِرُوهَا ولَكِنْ شَرِّقُوا أوْ غَرِّبُوا) ( ) .
5. استقبالها في الموت كما في الحياة
تُؤدى صلاة الجنازة باتجاهها، ويُدفن الميت مستقبلًا إياها.
الفرز والانتقاء والغربلة والتنخيل ( )؟
أراد الله (سبحانه وتعالى) أن يُنقى صفوف المسلمين من الغث ومن المنافقين، فحدثت غربلتان أساسيتان في عهد النبي (ﷺ). واحدة في مكة، وأخرى في المدينة.
تابع / خطبة الجمعة : قراءة جديدة في دروس تحويل القِبْلَة ، د/ أحمد سليمان
الغربلة الأولى: حدثت في مكة، وكانت بعد رحلة الإسراء والمعراج، فبعد هذه المعجزة الفريدة التي رأى النبي (ﷺ) فيها من آيات ربه الكبرى، وأخبر المسلمين بذلك. فكانت اختبارًا حاسمًا لصدق الإيمان، وشاء الله أن يكشف للنبي (ﷺ) حقيقة القلوب، فيميز المؤمن الصادق من المنافق الكاذب. فجاءت هذه الغربلة لتنقية الصفوف، في وقت كان النبي (ﷺ) يستعد فيه للهجرة إلى المدينة المنورة، إذ لا يصلح لهذه الهجرة العظيمة بكل ما فيها من تضحيات إلا رجالٌ ذوو قوةٍ، وبأسٍ شديد، وإيمانٍ راسخ ، يضحون بكل شيء في سبيل هذا الدين العظيم.
فاقتضت حكمة الله أن تتم هذه التصفية، ويقع الفرز والانتقاء والغربلة والتنخيل والتجنيب في هذا المنعطف المصيري من تاريخ الإسلام.
فبعد هذه الرحلة كشف اللهُ (تعالى) المنافقينَ الذين ارتدوا على أعقابهم… وكانوا قلَّة قليلة؛ ولكنها قلَّة مؤسفة!.. نعم قلَّة مؤسفة مِن الذين لم يؤمنوا على وجه الحقيقة بقدرة الله تعالى وقوته وعظمته، ولم يستوعبوا حقيقة المعجزة التي سجلها القرآن العظيم بجلاء في سورتي: الإسراء والنجم، وفصَّلت السُّنةُ الشريفةُ أحدَاثَها، وأجمعت الأمةُ على التصديق بها، وتعبدت بما أَوحى الله (سبحانه وتعالى) فيها لنبيه الكريم، وشرعه على المسلمين وهو الركن الأعظم من أركان الإسلام (الصلاة) التي فرضها الله مباشرة في السماء؛ لعلو مكانتها وسموق قدرها. كما جاءت هذه المعجزة لتكرم المؤمنين الصادقين، وترفع درجاتهم في الدنيا والآخرة.
جاءت هذه الغربلة تهيئةً للهجرة العظيمة، التي لم يكن لها أن تتم إلا برجالٍ باعوا أنفسهم لله، مستعدين للتضحية بكل شيء في سبيل هذا الدين. فاقتضت حكمة الله أن يقع التمحيص في هذه اللحظة الحرجة، حيث لم يُقدم على الهجرة إلا الصادقون، بينما سقط المتخاذلون وانكشف المنافقون، حتى لا يكونوا عائقًا في طريق بناء الأمة.
والغربلة الثانية: حدثت في المدينة المنورة بعد تحويل القِبْلَة، في وقت مهم جدًّا، إذ تنتقل فيه الدعوة من مرحلة إلى مرحلة..
من مرحلة الصبر وتحمل إيذاء (المشركين) في مكة، إلى مرحلة المواجهة الواضحة والصريحة مع (اليهود، والمشركين، والمنافقين) في المدينة… تمهيدا لبناء دولة الإسلام الفتية القوية التي تتطلب رجالا من عشاق المبادئ.
نعم كانت عملية اختبار واختيار، وفرز وغربلة وتنخيل وتجنيب، تنقي صفوف المسلمين من المنافقين، وتفرق بين الصادق والكذوب، لاسيما وأن المسلمين الأوائل هم البذور الأولى التي تحمل أنوار التوحيد ومشاعل الهداية، ودعوة الخير إلى العالمين؛ فكان لابد من انتقائهم من أفضل العناصر، وإعدادهم إعدادا يليق بمكانة رسالة النور… رسالة الرحمة… ودعوة الحق إلى العالمين.
لقد كان هذا الحدث اختبارًا عمليًّا، أظهر حقيقة القلوب، وفصل بين الصادق والكاذب.
لذلك جاءت معركة بدر بعد تحويل القِبْلَة واستقلال الشخصية المسلمة.
وتتجلى في معركة بدر قوة (314) رجل من المسلمين الصادقين المنتقين، الذين هزموا ثلاثة أضعاف أعدادهم من المشركين، بمدد الله وقدرته وعونه؛ ليثبتوا أن النصر لا يكون بكثرة العدد، بل إنه من الله، مع الأخذ بالأسباب وصدق الإيمان وقوة اليقين.
تابع / خطبة الجمعة : قراءة جديدة في دروس تحويل القِبْلَة ، د/ أحمد سليمان
مراحل توجه المسلمين للقبلة
(كيف كانت البداية؟ وكيف كان التحول النهائي ولماذا؟):
صدور الأمر الإلهي بتحويل القِبْلَة ودلالته
كيف تحول المسلمون للقبلة؟
لماذا كان التوجه في القبلة إلى مكة المكرمة بالذات؟
ماذا حدث من المنافقين بعد تحويل القِبْلَة؟
من الحكم السامية والأسرار الكامنة من وراء هذا التحويل
جزاء المسلمين الذين ماتوا قبل تحويل القِبْلَة؟
أهم الدروس والعبر من تحويل القِبْلَة
كيف نوظف عطاءات الله في تحويل القِبْلَة لمواجهة التحديات المعاصرة؟
ما أشبه الليلة بالبارحة
التاريخ ذاكرة الأمم ومستودع تجاربها
أكبر عطاءات تحويل القِبْلَة:
الوحدة والقوة والشجاعة يا عباد الله.. وإلا..
من رسائل الرحمن إلى المسلمين في كل مكان
اعلموا واطمئنوا أن الله حصر في يده:
إحياء ليلة النصف من شعبان:
كرامة الإمام الليث بن سعد… وليلة النصف من شعبان
الخطبة الثانية
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن سيدنا محمدًا رسولُ الله عباد الله: أوصيكم ونفسي بتقوى الله..يقول الحق (تبارك وتَعَالَى): (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) (آل عمران: 102) أما بعد،
خطر الشائعات ومراحلها وكيف أبدع الإسلام في مواجهتها ( )
جاء الإسلام من أجل إصلاح الكون والحياة والإنسان؛ لذلك اشتملت تشريعاته على منهج كامل لإدارة الحياة، يرتكز على مقومات عقائدية وأخلاقية وتشريعية مرنة تضمن له البقاء والصلاحية لكل زمان ومكان.. ومن ضمن هذا المنهج فلسفة مواجهة الشائعات.
ماهية الشائعة:
الشائعة عبارة عن خبر أو قصة أو معلومة غير مؤكدة أو كاذبة أو صادقة مُبالغ فيها يُصدرها جاهل أو عدو أو صاحب مصلحة، ويعمل على حبكتها بصورة تكتنفها بعض الغموض والإثارة، من أجل أن تنتشر خصوصًا في الأزمات والمشكلات أو بين أناس بينهم قواسم أو مصالح مشتركة.
خطورتها على الفرد والمجتمع:
والشائعات خطر داهم إذا أطلقت سرت في جنبات المجتمع بصورة ناعمة وخبيثة، فتهدد المجتمعات الآمنة، ولا يقل خطرها عن مخـاطر الحروب بالجيوش النظامية بأسلحتها المدمرة وآلياتها الخشنة.
ونحذر من خطورة الشائعات على الفرد والمجتمع، فكم أبكت الشائعات عيونًا، وكم أدمت قلوبًا، وكم أوغرت صدورًا، وكم زرعت الفتن، وكم فرَّقت بين الأحبة، وكم غرست الشقاق بين الأصدقاء، وكم طلقت زوجات ورملت أطفالا، وكم أعاقت رأب الصدع واندمال الجروح، وكم غيَّبت عقولا وأضاعت مصالح البلاد والعباد، وكم نثرت الحزن، وكم نشرت الخوف من المستقبل ومن المجهول، وكم حطَّمت معنويات، وتسببت في هزائم أمم، وكم أضاعت حقوقا وخلَّفت ظالمين ومظلومين؟!!.
تابع / خطبة الجمعة : قراءة جديدة في دروس تحويل القِبْلَة ، د/ أحمد سليمان
مراحل الشائعة وطرق انتشارها، وكيف يتم التعاطي معها:
وتمر الشائعات بعدة مراحل: تبدأ بمرحلة البث والنشر الأوليّ، ثم تمر مرحلة التلقي، وتأتي مرحلة خطرة وهي مرحلة التحريف والتنميق بالزيادة والنقصان والتهويل والمبالغة الفجة في عمليات التحريف.. وهنا ينشط المغرضون وأعداء الوطن، ليتم إعادة نشرها وعلى نطاق واسع من جديد..
ويساعد على نجاح ولادة الشائعات وانتشارها: الأزمات والظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بالمجتمعات، والمصالح المشتركة، والغموض، وأيضا التدرج وانتهاز بعض السوانح والتنسيق الإعلامي بين المغرضين، ويساعد على الانتشار السريع وسائل الإعلام الجديد ومواقع التواصل الاجتماعي.
وإزاء هذه الشائعات تم التعاطي معها وتلقيها بــ: إما بالتلقي العاطفي وذلك يتم في محيط الفئات الأقل ثقافة أو البسطاء وغيرهم، أو التلقي المحايد من بعض الفئات، أو التلقي النقدي لهذه الشائعة وتفنيدها، والرد عليها..
كيف أبدع الإسلام في مواجهة الشائعات ووأدها:
إن المنهج الإسلامي في معالجة هذه القضية الخطرة كان واضحًا ومتميزًا، حيث يرتكز على عدة أسس، وهي:
أولا: أنَّه حرص على وأد الشائعات وغيرها من البداية وذلك بتحريم الكذب -وأخواته- تحريمًا جازمًا، واشتد نكير الشارع الحكيم في ذلك.
ثانيا: أنَّه دعا إلى التبين والثبت والتحقق عند نقل الخبر، وتحرى الدقة المطلقة، بحيث يكون مطابقًا لصدقية الواقع، وواضحًا وضوح الشمس في رابعة النهار.
ثالثا: أنَّه أعطى أهل الذكر -كل في مجاله- مكانةً وتشريفًا، قال تعالى: (فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ)، فأهل الذكر في الطب هم الأطباء، وأهل الذكر الهندسة هم المهندسون، وأهل الذكر في الزراعة هم المزارعون… وهكذا.
رابعا: أنَّه جعل مروجي الإشاعات من الفاسقين، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ).
خامسا: أنَّه دعى إلى الستر، وكرّه فضح الناس.
سادسا: أنَّه حذَّر من مغبة العواقب الوخيمة جرّاء نشر الشائعات على الفرد والأسرة والمجتمع بل والإنسانية.
وعلى الرغم من أن العصر الذي بُعث فيه النبي (صلى الله عليه وسلم) وما تلاه كان يسيرًا ويتميز ببطء الوتيرة، فإن الإسلام كان سبَّاقًا في استقراء المستقبل بتطوره السريع؛ لذلك جاءت تحذيرات القرآن والسنة من خطورة الشائعات من القوة بمكان؛ كما جاءت مواكبة لعصرنا الحالي وما سيأتي من عصور بمعطياتها في التطور السريع جدًّا.
لذلك فإنني أرى أن إنسان هذا العصر الذي نعيشه بما يمتلكه من إمكانات تكنولوجية واتصالية واسعة الانتشار، عليه عبء متضاعف في قضية التحري والتحقق والتثبت من الخبر أو المعلومة قبل نشرها؛ لأن الشخص أضحى بإمكانه بضغطة زر واحدة أن ينشر شيئًا على نطاق واسع جدًّا، وفي الوقت نفسه لا يستطيع السيطرة عليه أو محوه من سجلات الشبكة العنكبوتية أو محركات بحثها أو خوادمها المترابطة والمتشعبة بعد ذلك.
واجبات المؤسسات المعنية في وأد الشائعات:
لذلك يجب على جميع مؤسسات تشكيل الوعي والسلوك (التربية والإعلام والثقافة والأئمة والدعاة) أن تتكاتف أن أجل تربية النشء والشباب على ثقافة مواجهة الشائعات وتفنيدها من خلال إتاحة المعلومات الرسمية بصورة ميسرة وشفافة، وتكوين التفكير النقدي لدى النشء، والتربية على تشابك القيم، خصوصًا قيم الصدق، وتحري الدقة، والقناعة، ومواجهة الغموض وتوضيح الأمور المشكلة، ومواجهة الجهل؛ لأن الشائعات لا يكتب لها الحياة في البيئات المستنيرة.. كما يجب على الدول أن تتيح لمواطنيها، المعلومات السليمة الموثقة بشفافية وبوضوح، وفي أوعية نشر إلكترونية ميسرة بحيث تُمكن الشخص من الوصول إليها وتدقيقها وتمحيصها ونقدها ومن ثم مواجهة الشائعات.
تابع / خطبة الجمعة : قراءة جديدة في دروس تحويل القِبْلَة ، د/ أحمد سليمان
هيا بنا نجدد التوبة والأوبة لله رب العالمين
تبنا إليك، ورجعنا إليك، وندمنا على ذنوبنا، فاغفر لنا يا غفور، وارحمنا يا رحيم، واقبل توبتنا يا تواب.
يا رب، أخطأنا كثيرًا، وأذنبنا مرارًا، لكن بابك مفتوح، ورحمتك واسعة، فاغفر لنا ما مضى، ووفقنا لما تحب وترضى. اللهم طهر قلوبنا من الذنوب والنفاق، وأرواحنا من الغفلة، وردنا إليك ردًّا جميلًا، واجعل توبتنا نصوحًا لا نعود بعدها إلى المعاصي أبدًا.
يا الله، إن لم تغفر لنا فمن يغفر؟ وإن لم ترحمنا فمن يرحم؟ إن لم تحمنا وتجمي بلادنا من الأشرار فمن يحمنا يا يالله…
يا رب لا تردنا خائبين، ولا تبعدنا عن رحمتك، واجعلنا من عبادك الصالحين.
اللهم ارزقنا حسن الخاتمة، واغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا، وتقبلنا في عبادك التائبين الصادقين، برحمتك يا أرحم الراحمين.
أدعو الله القدير الرحيم الحنان المنان أن يشرح صدوركم ويكثر خيركم ويبارك في ذرياتكم ويجعلكم خيرا وسعدا وسعادة ونورا يسير على الأرض
نسأل الله السلامة لنا ولأولادنا، ولمجتمعنا ولشعبنا..اللهم احفظ مصر شرقها وغربها، شمالها وجنوبها، طولها وعرضها وعمقها، بحارها وسماءها ونيلها، ووفق يا ربنا قيادتها وجيشها وأمنها وأزهرها الشريف، وعلماءها، واحفظ شعبها، وبلاد المحبين يا رب العالمين، اللهم اشف مرضانا وارحم موتانا وصلِّ اللهم وسلِّم وبارِك على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..وأقم الصلاة.
خادم الدعوة والدعاة د/ أحمد علي سليمان
عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية
والحاصل على المركز الأول على مستوى الجمهورية في خدمة الفقه والدعوة (وقف الفنجري 2022م)
المدير التنفيذي السابق لرابطة الجامعات الإسلامية- عضو نقابة اتحاد كُتَّاب مصر
واتس آب: 01122225115 بريد إلكتروني: [email protected]
يُرجي من السادة الأئمة والدعاة متابعة الصفحة الرسمية، وعنوانها:
(الدكتور أحمد علي سليمان)؛ لمتابعة كل جديد
لقراءة الخطبة أو تحميلها كاملا يرجي تحميل الخطبة من ملف pdf بالأعلي
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
وللإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف